يعد التداول في أسواق المال من أكثر الطرق شيوعًا للاستثمار وتحقيق الأرباح، لكنه في الوقت نفسه يحمل درجة عالية من المخاطرة، خاصة عند استخدام أدوات مثل الرافعة المالية والهامش. لفهم آلية عمل الأسواق المالية واتخاذ قرارات تداول أكثر دقة، يحتاج كل متداول مبتدئ إلى معرفة بعض المفاهيم الأساسية التي تشكل حجر الأساس لأي استراتيجية ناجحة. سنشرح في هذا الدليل، أهم المصطلحات التي يجب أن يكون كل متداول على دراية بها، مثل النقطة (Pip) واللوت (Lot)، بالإضافة إلى الرافعة المالية والهامش.
ما هو التداول؟
التداول هو عملية شراء وبيع الأدوات المالية، مثل الأسهم والسندات والعملات والسلع، والمشتقات المالية، بهدف تحقيق الربح. يتم ذلك من خلال الأسواق المالية التي توفر منصة للمتداولين لتبادل هذه الأدوات بناءً على توقعاتهم لحركة الأسعار المستقبلية.
يمكن للمتداولين الاستفادة من ارتفاع الأسعار عن طريق الشراء بسعر منخفض وبيعها بسعر أعلى، أو الاستفادة من انخفاض الأسعار عن طريق البيع بسعر مرتفع وشراءها بسعر أقل. يعتمد التداول على التحليل الفني والأساسي للسوق، حيث يحاول المتداولون التنبؤ باتجاهات الأسعار المستقبلية واتخاذ قرارات شراء وبيع بناءً على هذه التوقعات.
الفرق بين التداول التقليدي والتداول بالمشتقات المالية مثل عقود الفروقات؟
من أبرز الفروق بين التداول التقليدي وتداول العقود مقابل الفروقات:
الملكية: في التداول التقليدي، يمتلك المستثمر الأصل فعليًا، بينما في تداول العقود مقابل الفروقات، لا يمتلك المتداول الأصل بل يتداول على تحركات سعره.
الرافعة المالية: يوفر تداول العقود مقابل الفروقات رافعة مالية أعلى من التداول التقليدي، مما يعني أن المتداول يمكنه التحكم في صفقات أكبر برأس مال أقل.
المرونة: يمكن للمتداولين في تداول العقود مقابل الفروقات الاستفادة من تحركات الأسعار في كلا الاتجاهين، سواء بالشراء أو البيع على المكشوف، مما يتيح فرصًا أكبر لتحقيق الأرباح.
التسوية: في التداول التقليدي، قد يتطلب الأمر إجراءات معقدة لتسوية الصفقات، بينما في تداول العقود مقابل الفروقات، تتم التسوية نقدًا، مما يبسط العملية.
كما تجدر الإشارة إلى أن العقود مقابل الفروقات ليست الأداة المالية الوحيدة المتاحة في الأسواق المالية، بل هناك العديد من المشتقات المالية الأخرى مثل الخيارات والعقود الآجلة والمستقبلية التي تقدم أيضًا فرصًا مختلفة للتداول. لذلك، يُنصح المتداولون بتوسيع معرفتهم وفهمهم لكافة الأدوات المالية المتاحة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.
ما هي النقطة في الفوركس وكيف يتم حسابها؟
النقطة، أو ما يُعرف بالـ"Pip" (اختصارًا لـ"Percentage in Point")، هي وحدة قياس تُستخدم في سوق الفوركس لتمثيل أصغر تغيير في سعر زوج العملات. بالنسبة لمعظم أزواج العملات، تُحدد النقطة عند الخانة العشرية الرابعة (0.0001). على سبيل المثال، إذا تحرك سعر زوج اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD) من 1.1050 إلى 1.1051، فهذا يعني تحركًا بمقدار نقطة واحدة. ومع ذلك، في أزواج العملات التي تتضمن الين الياباني، تكون النقطة عند الخانة العشرية الثانية (0.01). فعلى سبيل المثال، إذا تحرك سعر زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY) من 110.00 إلى 110.01، فهذا يمثل تحركًا بمقدار نقطة واحدة.
لحساب قيمة النقطة، يمكن استخدام الصيغة التالية:
قيمة النقطة = (حجم العقد × تحرك النقطة) / سعر الصرف
على سبيل المثال، إذا كان حجم العقد 100,000 وحدة (1 لوت قياسي) لزوج EUR/USD، فإن قيمة النقطة تكون:
قيمة النقطة = (100,000 × 0.0001) / 1.1050 ≈ 9.05 دولار أمريكي
معرفة كيفية حساب قيمة النقطة أمر بالغ الأهمية لإدارة المخاطر وتحديد حجم الصفقات المناسب في تداول الفوركس.
ما هو السبريد وعلاقته بالنقطة؟
السبريد (Spread) في سوق الفوركس هو الفارق السعري بين سعر العرض (Bid) وسعر الطلب (Ask) لزوج العملات. يُعتبر السبريد تكلفة يتحملها المتداول عند فتح أي صفقة، حيث يبدأ التداول بخسارة تساوي قيمة السبريد، نظرًا لأن سعر الشراء دائمًا أعلى من سعر البيع بمقدار بسيط. يُقاس السبريد بوحدة النقاط (Pips)، وهي أصغر وحدة قياس لتحرك أسعار زوج العملات.
على سبيل المثال، إذا كان سعر الطلب لزوج اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD) هو 1.1053 وسعر العرض هو 1.1051، فإن السبريد يكون 2 نقطة. يُعد السبريد مصدر الربح الأساسي للوسطاء في سوق الفوركس، حيث يمثل الهامش الربحي الذي يتحصلون عليه نظير تنفيذ الصفقات. كلما كان السبريد أقل، قلت تكلفة التداول على المتداول، مما يتيح فرصًا أفضل لتحقيق الربح.
ما هو اللوت في التداول وما هي أنواعه؟
يُشير مصطلح "اللوت" إلى وحدة قياس حجم الصفقة في الأسواق المالية. يُحدد اللوت كمية الأصول المالية التي يتم شراؤها أو بيعها في صفقة واحدة، مما يساعد في توحيد أحجام التداول وتسهيل إدارة المخاطر. في سوق الفوركس، هناك أربعة أنواع رئيسية من أحجام اللوت:
اللوت القياسي (Standard Lot): يُعادل 100,000 وحدة من العملة الأساسية.
الميني لوت (Mini Lot): يُعادل 10,000 وحدة من العملة الأساسية.
الميكرو لوت (Micro Lot): يُعادل 1,000 وحدة من العملة الأساسية.
النانو لوت (Nano Lot): يُعادل 100 وحدة من العملة الأساسية.
على سبيل المثال، إذا قرر متداول فتح صفقة بحجم 1 لوت قياسي على زوج العملات EUR/USD، فهذا يعني أنه يشتري أو يبيع 100,000 يورو. معرفة حجم اللوت المناسب تُعد جزءًا أساسيًا من إدارة المخاطر، حيث يؤثر حجم الصفقة على مقدار الربح أو الخسارة الناتجة عن تحركات السوق. لذلك، يجب على المتداولين اختيار حجم اللوت بما يتناسب مع حجم حسابهم واستراتيجيتهم التداولية.
ما هي الرافعة المالية؟
الرافعة المالية هي أداة مالية تتيح للمتداولين زيادة قدرتهم الشرائية في الأسواق المالية من خلال اقتراض أموال إضافية من الوسيط. بمعنى آخر، يمكن للمتداول التحكم في صفقة تفوق قيمة رأس ماله الفعلي بعدة أضعاف. تُعبر الرافعة المالية عن نسبة، مثل 1:50 أو 1:100، حيث تشير 1:50 إلى أن المتداول يمكنه التحكم في صفقة قيمتها 50 ضعف رأس ماله. على سبيل المثال، إذا كان لدى المتداول 1,000 دولار في حسابه واستخدم رافعة مالية بنسبة 1:50، يمكنه فتح صفقات تصل قيمتها إلى 50,000 دولار.
استخدام الرافعة المالية يمكن أن يزيد من العوائد المحتملة، ولكنه يزيد أيضًا من المخاطر. ففي حين أن التحركات الصغيرة في السوق قد تؤدي إلى أرباح كبيرة بسبب الرافعة، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى خسائر كبيرة بنفس القدر. لذلك، من الضروري أن يكون المتداولون على دراية كاملة بكيفية عمل الرافعة المالية وأن يستخدموها بحذر، مع تطبيق استراتيجيات إدارة المخاطر المناسبة.
ما هو الهامش؟
الهامش في عالم التداول هو بمثابة دفعة أولية صغيرة تطلبها شركات الوساطة لفتح صفقة. لا تغطي هذه الدفعة قيمة الصفقة بالكامل، بل تمثل نسبة مئوية منها. الفكرة الرئيسية وراء الهامش هي أن الشركات الوسيطة تقرضك الباقي، مما يسمح لك بفتح صفقات أكبر بكثير من قيمة رأس مالك الفعلي.
يمنح الهامش المتداولين فرصة لتحقيق أرباح أكبر من خلال الاستفادة من حركات الأسعار الصغيرة. فباستخدام مبلغ صغير كهامش، يمكنك التحكم في أصول بقيمة أكبر بكثير. لنفترض أنك تريد فتح صفقة بقيمة 10,000 دولار، ولكن لديك في حسابك 1,000 دولار فقط. إذا كان هامش المتطلبات 10%، فستحتاج إلى إيداع 1,000 دولار لفتح الصفقة، وسيقوم الوسيط بتمويل الباقي.
على الرغم من الفوائد التي يقدمها الهامش، إلا أنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة. إذا تحرك السوق عكس توقعاتك، فقد تفقد أكثر مما قمت بإيداعه كهامش. هذا لأن الخسائر يتم تضخيمها بسبب الرافعة المالية التي يوفرها الهامش.
نصائح للمتداولين الجدد
دخول عالم التداول يتطلب من المتداولين الجدد اتباع مجموعة من النصائح لتعزيز فرص النجاح وتقليل المخاطر المحتملة، نستعرض فيما يلي أبرز هذه النصائح:
التعليم المستمر: لا تتوقف عن التعلم. هناك الكثير من الموارد المجانية والمدفوعة المتاحة عبر الإنترنت لمساعدتك على فهم الأسواق المالية والمبادئ الأساسية للتداول.
تحديد أهداف استثمارية واضحة: يجب على المتداولين تحديد أهدافهم الاستثمارية ومدى تحملهم للمخاطر قبل البدء في التداول. هذا يساعد في اختيار الاستراتيجيات المناسبة وتخصيص الأصول بشكل فعال.
إدارة المخاطر: لا تخاطر بأكثر مما تستطيع خسارته. حدد حجم الصفقة المناسب وقم بتنويع محفظتك الاستثمارية.
البدء بحساب تجريبي: يمكن أن يساعد استخدام حسابات تجريبية للتداول في فهم ديناميكيات السوق وتطوير استراتيجيات دون المخاطرة برأس المال الحقيقي.
التحكم في العواطف: يجب على المتداولين تجنب اتخاذ قرارات استثمارية بناءً على العواطف، مثل الخوف أو الطمع، والاعتماد بدلاً من ذلك على التحليل المنطقي والمعرفة المكتسبة.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين الاستثمار والتداول؟
الاستثمار والتداول هما طريقتان مختلفتان للتعامل مع الأسواق المالية. الاستثمار يركز على شراء الأصول والاحتفاظ بها لفترات طويلة بهدف تحقيق نمو تدريجي في القيمة، معتمدًا على الأداء الأساسي للأصل. في المقابل، التداول يتضمن شراء وبيع الأصول بشكل متكرر على مدى قصير للاستفادة من تقلبات الأسعار السريعة، معتمدًا على التحليل الفني واتجاهات السوق.
ما هو الهامش المطلوب والهامش المستخدم؟
الهامش المطلوب هو المبلغ الذي يجب على المتداول إيداعه لفتح صفقة جديدة، ويُحسب كنسبة مئوية من قيمة الصفقة الإجمالية. أما الهامش المستخدم، فهو إجمالي المبالغ المحجوزة من رصيد الحساب للحفاظ على المراكز المفتوحة. على سبيل المثال، إذا كان رصيد حسابك 5000 دولار، وفتحت صفقة تتطلب هامشًا قدره 1000 دولار، فإن الهامش المستخدم هو 1000 دولار، والهامش الحر المتبقي للتداول هو 4000 دولار.
هل يمكن تحقيق أرباح مستدامة من التداول؟
نعم، يمكن تحقيق أرباح مستدامة من التداول، ولكن ذلك يتطلب التعلم المستمر، تطوير استراتيجية تداول مناسبة وإدارة فعّالة للمخاطر، والتحلي بالصبر والانضباط. من المهم أيضًا تنويع الاستثمارات والالتزام بالخطط المدروسة لتحقيق نتائج إيجابية على المدى الطويل.